فظهرت مجموعة من العلماء الإنجليز أرادوا أن يسجلوا فضل السبق في هذا المقام، فصنعوا جمجمة صناعة كما يخرط الحديد أو غيره، وصنعت بحيث تصبح الحلقة المفقودة التي يريدون ويبحثون عنها، ثم أعلنوا عن أعظم كشف علمي يؤيد نظرية داروين ، ويثبت وجود الحلقة المفقودة، وهم يعتقدون بأن الإنسان الإنجليزي هو أول من تطور من الأجناس البشرية في العالم، وادعوا أنهم وجدوا هذه الجمجمة عند مدينة صغيرة في بريطانيا يسمونها: بلت داون ، فسموها جمجمة بلت داون .
وينسبون الجماجم إلى المناطق التي وجدت فيها، فهناك جمجمة في ألمانيا ، وجمجمة في الصين ، وجمجمة في أمريكا ، وجمجمة في جنوب أفريقيا ، وجمجمة في وسط أفريقيا ، فهذه أصبحت أعظم وأهم جمجمة اكتشفت، وهي: جمجمة بلت داون .
فتحير بعض العلماء في ذلك وشكك علماء آخرون في الموضوع، وبعد جهد جهيد فحصوا الجمجمة فوجدوا أنها مصنوعة ومكذوبة، وأعلن العلماء بعد ذلك أنها كذب، وأنها لا أصل ولا حقيقة لها، وأن هؤلاء غشاشون مزورون، ولا يستحقون الألقاب العلمية التي يحملونها، وصارت فضيحة كبيرة جداً تحدثوا عنها في التاريخ الذي يسمونه: التاريخ الطبيعي.
والمقصود: أن هناك قدراً كبيراً من التزييف، فإذا كان هناك تضليل أو ضلال في فهم الحقائق، أو في استنتاجها؛ فإن هناك تزييفاً متعمداً فيما لم يصلوا فيه إلى نظرية، ولا إلى حقيقة، هذا جانب.